التخطي إلى المحتوى
خمس وقفات مع استقبال شهر رمضان للشيخ محمد جمعة الحلبوسي كتاب في صفحة اللهم بلغنا رمضان

خمس وقفات مع استقبال شهر رمضان للشيخ محمد جمعة الحلبوسي كتاب في صفحة اللهم بلغنا رمضان

خمس وقفات مع استقبال شهر رمضان المبارك للشيخ محمد جمعة الحلبوسي كتاب في صفحة نقدمه لكم  هدية من موقع التميز برس ونحن نستقبل شعر رمضان الكريم حتى تعم الفائدة ونستفيد من هذا الكتاب القيم .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي فضل أوقات رمضان على غيره من الأزمان وأنزل فيه القرآن هدى وبينات من الهدى والفرقان ، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله الذي كان يخص رمضان بما لم يخص به غيره من صلاة وتلاوة وصدقة وبر وإحسان اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين الذين آثروا رضا الله على شهوات نفوسهم فخرجوا من الدنيا مأجورين وعلى سعيهم مشكورين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .

وبعد :

أيام قليلة وتشْرق علينا شمسُ الصيام، أيَّام معدودة وينْزل بنا ضيف عزيز على قلوبنا، طالما انتظرناه، وزاد شوقُنا إليه، هل نُوفَّق إلى إدراكه فنكون من الفائزين، أو يوافينا الأجَلُ فنصْبح من المحجوبين؟!

أيَّام ويهلُّ علينا هلال شهر رمضان، وما أدراك ما شهر رمضان؟! شهر البرِّ والإحسان، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النيران، شهر تمنَّى النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – لقاءَه إذْ قال في دعائه: ((اللَّهمَّ بارك لنا في رجب وشعبان، وبلِّغْنا رمضان)) وفي رواية: ((وبارك لنا في رمضان))؛ رواه أحمد، شهر رمضان كم دخَله من عاصٍ فأصبح من التائبين العابدين! وكم دخله من محروم فأعطاه الله الخير الكثير! لذلك كان سلَفُنا الصالح يتمنَّوْن لقاءه، يَدْعون الله وُصوله وبلُوغَه، ونحن على عتبة شهر رمضان ما أحوجَنا إلى أن نقف بعض الوقفات الهامة!

وقفات نتذكَّر فيها بعض ما ينبغي عمَلُه خلال هذا الشهر المبارك:

 

الوقفة الأولى: اللهم بلِّغنا رمضان :

 

كان بعض السلف – رحمهم الله – يدْعون الله ستَّة أشهر أنْ يبلِّغهم رمضان، وبعد رمضان يدْعون الله ستة أشهر أخرى أن يتقبَّل منهم ما عملوه في ذلك الشهر.

 

ولنا أن نسأل: لماذا هذا الدعاء وذلك الحرص البالغ على بلوغ رمضان؟ والجواب هو: إنَّ بركة هذا الشهر العظيمة، وما فيه من مضاعفة للحسنات، هو ما دفع السَّلَف الصالح – رحمهم الله – إلى مواصلة الدعاء بالبلوغ ستة أشهر، ثم الدعاء بالقبول بقية العام، وهو ما ينبغي أن يدفعنا إلى ذلك؛ تأسِّيًا بهم، إضافة إلى ما أخبرنا به النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – في فضل رمضان.

 

فندْعو الله أن يبلِّغنا رمضان، ويعيننا على إدراكه وصيامه وقيامه؛ لأنَّه: ((مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))؛ متَّفق عليه، ولأنَّ: ((مَنْ فطَّر صائمًا كان له مثْلُ أجره غير أنَّه لا ينقص من أجر الصائم شيء))؛ رواه أحمد والدارمي والترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ، ولأن: ((للصائم عند فطره دعوةٌ ما تردُّ))؛ رواه أحمد وصحَّحه الحاكم، ولأنَّه شهْر القرآن، وشهر الإنفاق، وشهر المغفرة، وشهر الذِّكر، وشهر صِلَة الأرحام، وشهر أعمال الخير المتنوِّعة، فحريٌّ بنا أن نَرفع أيدينا قائلين: اللهم بارِكْ لنا في شعبان وبلِّغْنا رمضان.

 

الوقفة الثانية: أعلنوها توبة لله :

 

هذه رسالة إلى كلِّ المسلمين ونحن على أبواب رمضان أقول فيها: يا باغي الخير أقْبِل، ويا باغي الشر أقصِر، ويا من تريد أن تفتح صفحة جديدة مع الله، ويا من تريد أن تتوب إلى الله، هذا شهر رمضان، شهر التوبة والإنابة والمغفرة، ومن لم يتب إلى الله – عزَّ وجلَّ – في رمضان فمتى يتوب؟ ومن لم يعد إلى الله – عزَّ وجلَّ – في رمضان فمتى يعود؟ لا تقل: ذنوبي عظيمة، ولكن قل: رحْمة الله أعظم، واللهِ إنَّ رحْمة الله واسعة، ولا تَضِيق بسيِّئات عبْد جاء تائبًا إليه.

 

هذا سيِّدنا أنس – رضي الله عنه – قال: سمعتُ رسولَ اللهِ – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقولُ: ((قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنَّك ما دعوتَني ورجوتني غفرْتُ لك على ما كان منك ولا أُبَالي، يا ابن آدم، لو بلَغَتْ ذنوبُك عنَان السَّماء، ثمَّ استغفرتني، غفرْتُ لك ولا أبالي، يا ابن آدم، إنَّك لو أتيتني بِقُراب الأرض خطايا، ثمَّ لقيتني لا تشرك بي شيئًا، لأتيتُك بِقُرابها مغفرةً))؛ رواه الترمذي، وقال: “حديث حسن”.

 

واللهِ ذنوب العام – كلِّ العام – تُمْحَى لمن صدَق مع الله في هذا الشهر، قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((والَّذي نفسي بيده، لو لم تُذْنِبوا، لذهَب الله بكم، وجاء بقوم يُذْنِبون، فيستغفرون الله – تعالى – فيغفر لهم))؛ رواه مسلم.

فأين المسلم الَّذي يُعْلِن توبته لله تعالى.

 

الوقفة الثالثة: قاطعوا الفضائيات :

 

ونحن على أبواب رمضان أحبُّ أن أنبِّهكم أنَّ الشيطان يستعدُّ من الآن لمحاربتنا؛ لأنَّه لن يكون موجودًا معنا في رمضان؛ ولكن ستكون معنا أعماله التي يستعدُّ لها من الآن ويجهِّز لها؛ لتُلهينا عن عبادتنا في رمضان، ألاَ وهي المسلسلات والأفلام والبرامج الرمضانية التافهة، يجب علينا جميعًا مقاطعة جميع المسلسلات، التي – للأَسَف – أصبحت يُطلق عليها: مسلسلات رمضانية، وفوازير رمضان، وغيرها من برامج تافهة، كبرامج المَقالب على الناس والكاميرا الخفيَّة، تُعْرَض فقط لمجرَّد شغْل أوقات المسلمين عن الخير وأداء العبادات.

 

لماذا لا تفكِّر يا وليَّ الأمر؟ لماذا لا تفكِّر في عقْد هدْنة أنت وأهلك وأولادك للرُّوح مع وسائل الإعلام، حاوِلْ على الأقل أن تحذف كل قناة تبث (الأفلام والمسلسلات والأغاني) ولْنجعلها فقط قنواتٍ تربويةً وعِلْميَّة وإسلامية، نتعلَّم منها القرآن والأذكار وسيرة المصطفى – صلَّى الله عليه وسلَّم – والأخلاق الطيِّبة التي تتعلَّم منها بناتُنا وشبابنا الأخلاقَ الإسلامية التي تُعِينهم على طاعة الله، وعلى الأقل خلال هذا الشهر، ولعلَّها أن تكون – إن شاء الله – بدايةَ النهاية.

 

ولا شكَّ أن رمضان من أعظم المناسبات لتربية النفوس، فكُنْ رجلاً في قرارك، حرًّا في إرادتك، قويًّا في عزْمك، ألاَ تريد أن تتخلَّص من نارٍ وَقُودها الناس والحجارة، فاعْقدْ هدْنة مع رُوحك في رمضان؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

لا بد من رجعة إلى الله صادقة في هذا الشهر المبارك، ولْيَكن مُنْطَلقنا لتغيير سلوكياتنا، وليكن هذا الشهر دليلاً لنا إلى الخير، ونبْذ وسائل الشَّر؛ لِنُعلنها جميعًا أنَّنا – إن شاء الله – سننبذ المسلسلات، وسنقاطع المهرجانات والسَّهرات التافهة، وسنحِدُّ من فضائياتنا فلا نُبْقِي إلا ما وافق شرْع الله، ابتداءً من اليوم – إن شاء الله.

 

الوقفة الرابعة: نداء إلى التجار:

 

نوجِّه رسالة إلى إخواننا التُّجار ونحن نستقبل رمضان: أنْ يتساهلوا مع الناس، وخاصَّة مع الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام في هذا الشهر المبارك، ولا يَرفعوا عليهم الأسعار، فرمضان هو شهر الرحمة، فعليهم أن يَسلكوا مسالك الرحمة، ونذكِّر بأن التاجر الذي يجلب السِّلع بنيَّة التوسعة على الناس ويقنع بربح معقول؛ له ثوابه عند الله تعالى.

 

وقد رُوي عن عمر بن الخطَّاب، قال: قال رسول اللَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الجالب مرزوقٌ، والمحتَكِر ملعونٌ))؛ أخرجه ابن ماجه عنه مرفوعًا بسند ضعيف.

وحذَّر الإسلامُ مِن الذي يَحتكر الموادَّ؛ لِيَرفع أسعارها على الناس بأنَّ الله سيبتليه بالأمراض والإفلاس، واسْمع إلى ما رواه أحمد وابن ماجه عن عمر بن الخطَّاب – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول: ((مَن احتكر على المسلمين طعامًا ضربه الله بالجذام والإفلاس)).

أخي التاجر، اسمع معي إلى هذه القصَّة والتي تحدِّثنا عن فضائل التجار الذين كانوا يَخافون الله – تعالى – ولا يَقُومون بأيِّ عمل، حتَّى يروا أنَّه لا يخالف تعاليم دينهم.

هذا تاجر من تُجَّار الشام أرسل بضاعة لعامل له في البصرة وقال: إذا أتْتك البضاعة فبِعها في السوق من يومِ وُصولها، ولا تؤخِّرها، لكنْ وافَقَ زمَنُ وصولها وقتًا نزلت فيه الأسعار، فقال بعض الناس للعامل: لو أخَّرْتَ بيعها أسبوعًا حتَّى يرتفع السِّعْر، ففعل، فلما علم صاحبُها بما فعل عاملُه كتب إليه رسالة فيها: “يا هذا، إنَّا كنا قد قنعنا بربح يسير مع سلامة دِيننا، ولا نحبُّ أن يدخل إلينا أضعافه بذهاب شيء من ديننا، وإنَّك قد خالفْتَ، فإنْ أتاك كتابي هذا فخُذ المال كلَّه وتصدَّقْ به على فقراء البصرة الذين ظلَمْتهم برَفْع السِّعر عليهم، وليتني أنجو من إثم الاحتكار، لا عليَّ ولا لي”.

فلْتحرص – أخي التاجر – على الرِّبح اليسير مع سلامة دِينك، خير لك من ربح كثير مع ضياع دينك.

 

الوقفة الخامسة: مع المسؤولين :

نداء إلى المسؤولين، وإلى أولياء الأمور، نريد منهم وقفة جادة في محاربة ظاهرة الإفطار العلني في نهار رمضان، فهذه الظاهرة من المنكرات التي يجب على كل مسلم أن يقف ضدها لأن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يقول: ((من رأى منكم منكَرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).

وعن جابر قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أوحى اللهُ إلى ملَك من الملائكة أَنِ اقْلب مدينة كذا وكذا على أهلها، قال: إنَّ فيها عبدَك فُلانًا لم يَعْصِك طَرْفة عين، قال: اقلبها عليه وعليهم، فإنَّ وجْهَه لم يتمَعَّرْ في ساعة قَطُّ))؛ رواه البيهقي وهو ضعيف.

لا بد على المسؤولين أن يرحِّبوا بهذا الضيف العزيز، وترحيبهم بهذا الضيف هو محاربة الَّذين يحاربون الله ورسوله، ويجاهرون بالإفطار، تذَكَّروا يا مسؤولون إنْ تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنَّ غضب الله سيحلُّ عليكم، عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسُول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ أوَّلَ ما دخل النَّقص على بني إسرائيل أنَّه كان الرَّجل يَلْقى الرَّجل، فيقول: يا هذا، اتَّق الله ودَعْ ما تصنع؛ فإنَّه لا يحلُّ لك، ثمَّ يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أَكِيله وشَريبَه وقعيده، فلمَّا فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض)) ثمَّ قال:﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾ – إلى قوله: ﴿ فَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 78 – 81] ثمَّ قال: ((كلاَّ، والله لتأمُرنَّ بالمعروف، ولتَنهَوُنَّ عن المنكر، ولتأخذنَّ على يد الظَّالم، ولتأطرنَّه على الحقِّ أطرًا، ولتقصرنَّه على الحقِّ قصرًا، أو ليضربنَّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثمَّ لَيلْعنَنَّكم كما لعنهم)) رواه أَبُو داود والترمذي، وَقالَ: “حديث حسن”، أسال الله أن يعيننا ويعينكم على أداء المسؤولية بحقها.

اللهم بلِّغْنا شهر رمضان، اللهم بلغنا شهر رمضان، اللهم بلغنا شهر رمضان، وأعِنَّا فيه على الصيام والقيام، واجعلنا فيه ووالِدَينا من عتقائك من النار.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *